عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-2010, 04:06 AM   #31
العــــــمدهـ
المـديـــر العــام
عمـــدة المـنتـدي
عضو مؤسس
 
الصورة الرمزية العــــــمدهـ
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: Wolverhampton
المشاركات: 2,001
معدل تقييم المستوى: 24
العــــــمدهـ رائعالعــــــمدهـ رائع
افتراضي

الحلقة التاسعة والستون

المواقف كثيرة فدعونا نحكي ما يعجل بالحكاية ويوصلنا لنهايتها على لا يدخل الملل على القراء الكرام..
وقد يكون بعضكم يرغب أن أفصل أكثر وأن أجعلها كأنها مذكرات يومية ولكن هيهات..
دون ذلك تنقطع الأعناق فوالله ما أدونه هنا يسقط من رأسي دون أن ارجع لشيء مكتوب ..
فلا يلومني لائم في تقدم بعض الأمور وتأخر البعض فهذه حيلتي والله المستعان..
اتسعت مكتبتنا يوما بعد يوم وهذا ما سهل علينا معاناة التنقل للمكتبة والبحث في المراجع..
كنا نجتمع والإخوة الأفاضل سعود وأحمد في المكتبة فنراجع ويقرأ كل كتابه أو يراجع حفظه أو يدون بحثه ..
ما أحلى تلك اللحظات الدافئة حينما نستيقظ في الصباح الباكر وخاصة في الإجازات فنشغل المدافيء في برد عنيزة القارص وينكب احدنا على كتابه فيغرق فيه فلا يرفع رأسه حتى أذان الظهر!!
ونحن والله لا نشعر بالملل ..
وليس ذلك بالدائم على كل حال !!
فمراحل الفتور والضعف لا بد منها ..
لا أنسى تلك الوجبات الدافئة من طعام الحنيني !!
وهو من الوجبات الشعبية في القصيم والتي كنا نشتريها من المحلات وهي مغلفة وجاهزة..
فنطبخها على موقد كهربائي متواضع فلنتهم تلك العجينة المخلوطة بالتمر والزبد والقشط فتعطيك الطاقة وتذهب الجوع وتشعرك بالدفئ ..
فتبقى شبعان نشطا طوال نهارك!!
أما عن أوقات الفراغ وما اقلها فكنا نقظيها سويا في زيارة المزارع المحيطة بعنيزة وما أكثرها فكنا نتنزه ونسير بين النخيل الباسقة والظلال الوارفة ..
ذهبنا مرارا لمزرعة الشيخ عبد الله الجلالي والتي هي مفتوحة لكل من يريد دخولها..
فنسبح في بركتها الكبيرة ..
خرجنا في رحلات بسيطة واستأجرنا سيارة جيب سوزوكي!!
أو كنا نستعير من أحد الإخوة سيارته فنخرج لصحراء عنيزة فنطعس فيها فلا تسل عن تطعيس أهل الحجاز في نجد!!
لم تكن حياتنا تسير على رتابة واحدة فنحن بشر ..
نعيش في جد وهو غالب شاننا والحمد لله ..
ونخلطه بالهزل والاسترواح أحيانا ..
كنت قرأت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه كان يقول عن نفسه كنت أقرأ في تفسير الآية مائة تفسير فربما عسر علي من فهما فأخرج وأسير في المزارع أو قال في الطرقات وادخل المساجد المهجورة أو القديمة وأتمرغ في ترابها وابكي وأقول: يا معلم آدم علمني ويا مفهم سليمان فهمني..
ولقد فعلتها مرارا كما كان يفعل الشيخ حيث كانت تضيق علي بعض المسائل ..
فيفتح الله علي بذلك فتحا عظيما والحمد لله ..
ولقد سألت شيخنا رحمه الله عن معنى قول الشيخ : مائة تفسير ..
فقال : يقصد شيخ الإسلام مائة تفسير بمعنى مائة قول ..
فمن المستبعد أن يقصد الشيخ مائة كتاب في الآية الواحدة فهذا ما يستحيل تخيله .. وهذا نظير قول العلماء عن حفظ الإمام أحمد انه حفظ ألف ألف حديث !!!
فالمقصود هو الروايات والأسانيد لا عدد النصوص المروية ..
والله اعلم ..
زارنا في تلك الشقة المتواضعة إخوة كرام بقيت ذكراهم العطرة في الذاكرة حتى يومي هذا ..
منهم الشيخ الفاضل مصطفى العدوي بارك الله فيه ولي مع هذا الرجل مواقف جميلة سأذكرها في حينها إن شاء الله ..
ممن كان يعودنا دوما جارنا إمام المسجد الأخ عبد العزيز السليم وكم سمعته مرارا يقول للأخ سعود وأحمد : هل تأتي امرأة للمنزل فتنظفه لكم؟؟
لما يراه من ترتيب وتنظيم فيها لم يعهده من العزاب!!
هذه شهادة ..
كنت مدمنا للبحث العلمي وقد شجعني شيخنا على ذلك بل كان يكلفني تقريبا كل يوم بكتابة بحث بسيط عن مسألة ثم يقرأ بحثي وقد يعلق عليه ويشرح..
وخصوصا تخريج الأحاديث ..
سمعته مرارا وقد قالها علنا في دروسه ..
أنه ندم على عدم اشتغاله بعلم الحديث حيث لم يكن في نجد في تلك الفترة أي اهتمام يذكر بهذا العلم العظيم ..
كنت اجلس في تخريج الحديث الواحد وجمع رواياته وأسانيده والحكم على كل سند ورجل وطبقة فأبقى اليوم واليومين حتى اسلم البحث للشيخ فيقرأه ثم يعلق عليه بالكتابة أو شفهيا فيقول : لا ،زده بحثا أو هذا يكفي أو نحو ذلك ..
وكم كنت أغتبط حينما يعلق بالقبول على ما قلته ويؤكد ما توصلت إليه والحمد لله ..
خير من استعنت به من طلبة الشيخ في هذا المجال هو الأخ زياد النشيري
وهو شاب جمع الله مكتبة حديثية لا يوجد على ما أظن مثيلا لها في عنيزة بين طلبة العلم..
كنت أعوده في غرفته الباردة دائما في السكن!!
أو في عزبته الجديدة فيفتح لي مكتبته بارك الله فيه فأقلب مراجعها واستعين به إن فرغ فأجد بغيتي عنده ..
كان الأخ زياد يتعجب مني أحيانا حينما يراني أكاد اقفز من الفرح حينما احصل بغيتي بعد عناء ومشقة !!
شعرت مرارا أنا والأخ سعود وأحمد بضعفنا الكبير في جمع فقه الإمام احمد..
حيث أننا نرغب في معرفة المذهب على الخصوص ..
كنا ندرس لدى شيخنا رحمه الله فقه الإمام أحمد في الزاد ولكن يختلط علينا أحيانا مذهبه بالمذاهب الأخرى ..
فحاولنا أن نجد طريقة لدراسته على انفراد على احد مشائخ عنيزة المعتبرين..
قام الأخوين الكريمين بزيارات ومحاولات مع احد شيوخ عنيزة
وهو الشيخ محمد بن عثمان القاضي ..
وهو من تلاميذ الشيخ ابن سعدي ومن تلاميذ شيخنا أيضا .. ولكنه اعتذر ورفض!!
وقال : لا أستطيع..
وكم زرناه وتوددنا له ولكنه أصر بالرفض..
ولعله ظننا غير جادين في المسألة ..
كانت قضية ضبط المذهب لوحده أمنية لي لم تتحقق حتى هذه اللحظات والله المستعان ..
رغم ما حصلته من علم شيخنا من شرح الزاد فهو خير والحمد لله ..
في تلك السنة أو التي تليها ..
حدث حفل السنة ..
حيث أعلن في بريدة عن قرب تخريج عدد من طلبة العلم الذين حفظوا الكتب الستة !!
حينما سمعت من طلبة العلم ممن يذهب لبريدة عن ذلك البرنامج ظننته مبالغة ..!!
قلت في نفسي : البلوغ أو العمدة أما الكتب الستة فمن سيحفظه في هذا الزمن!!
سوى ما سمعته عن الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله .. فهو فريد زمانه.. هذا ما اعتقدته..
أعلن عن حفل السنة قبل أسبوع ..
وتسامع الناس بذلك ..
وأذكر أن الحفل كان يوم ثلاثاء..
قبل الحفل بيوم أو يومين قيل لشيخنا في الدرس : يوم الثلاثاء ليس هناك
درس أليس كذلك ؟؟
قال : ولم ؟
قيل : حفل السنة!!
قال الشيخ : لم ادع له!!
وجم الطلاب وشعرت بخيبة في نفسي والله من هذا التصرف الغريب..
فقد سمعنا من الاستعدادات لهذا الحفل والدعوات التي وجهت للعلماء
الكبار في أقطار العالم وعلى رأسهم سماحة الشيخ ابن باز وغيره من جلة
العلماء ثم نفا جيء أن الشيخ ابن عثمين لم يدع !!
على كل الموضع له قصة سأحكيها بتفصيلها في الحلقة القادمة
يتبع إن شاء الله..


هذا آخر ما كُتب .. وقد كتبه يرحمه الله بتاريخ ( 29-11-200507:28 )
__________________


تـَوَكـّلـْتُ في رزقي على الله خـَالـقـِي وأيـْقــَـنـْتُ أنَّ الله لا شـَـكَّ
رَازقـِي

ومَا يـَكُ مـِنْ رزقٍ فـَليْسَ يـَفـُوتـُني ولوْ كـانَ في قاعِ البـِحَار
الـعـَوامـِق ِ

سـَيأتـي بـِه ِالله العـَظــيــمُ بـِفـَضْـلِه ولوْ لمْ يـَكـُنْ مِـنّي اللـسَـانُ
بـِنـَاطـِق ِ
العــــــمدهـ غير متصل   رد مع اقتباس