11-09-2010, 05:58 AM | #1 |
كاتب مبدع
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: سيدة البلدان
المشاركات: 715
معدل تقييم المستوى: 18 |
حكم حفُ الشارب
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَخْذَ مِنَ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ : خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ - الْخِتَانُ وَالاسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ " . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَتَفْسِيرُ الْفِطْرَةِ بِالسُّنَّةِ هُنَا هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : < مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الشَّوَارِبِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ . وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَخْذَ مِنَ الشَّارِبِ مِنَ السُّنَّةِ ، لِلْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا " لَكِنِ الْفُقَهَاءُ اخْتَلَفُوا فِي ضَابِطِ الأَخْذِ مِنَ الشَّارِبِ ، هَلْ يَكُونُ بِالْقَصِّ أَمْ بِالْحَلْقِ أَمْ بِالإِحْفَاءِ ؟ . فَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُسَنُّ فِي الشَّارِبِ ، وَنَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ الْخِلافَ فَقَالَ : الْمَذْهَبُ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ الْقَصُّ ، قَالَ فِي الْبَدَائِعِ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : الْقَصُّ حَسَنٌ وَالْحَلْقُ أَحْسَنُ ، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلاثَةِ . وَأَمَّا طَرَفَا الشَّارِبِ ، وَهُمَا السَّبَالانِ ، فَقِيلَ : هُمَا مِنْهُ ، وَقِيلَ : مِنَ اللِّحْيَةِ ، وَعَلَيْهِ فَلا بَأْسَ بِتَرْكِهِمَا ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالأَعَاجِمِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ ، وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ . وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَوْفِيرَ الشَّارِبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِلْغَازِي مَنْدُوبٌ ؛ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ . وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ قَصُّ الشَّارِبِ كُلَّ أُسْبُوعٍ ، وَالأَفْضَلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَرَاءَ الأَرْبَعِينَ لِمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : " وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَنَتْفِ الإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لا تُتْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " وَهُوَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَيَكُونُ كَالْمَرْفُوعِ . وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : < قُصُّوا الشَّوَارِبَ > وَهُوَ سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ ، فَلَيْسَ الأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْوُجُوبِ ، وَالسُّنَّةُ : الْقَصُّ لا الإِحْفَاءُ ، وَالشَّارِبُ لا يُحْلَقُ بَلْ يُقَصُّ ، قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : يُؤْخَذُ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الإِطَارُ ، وَلا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلَ بِنَفْسِهِ .وَفِي قَصِّ السَّبَالَتَيْنِ عِنْدَهُمْ قَوْلانِ . وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلْقُ مَا خُلِقَ لَهَا مِنْ شَارِبٍ . وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : قَصُّ الشَّارِبِ سُنَّةٌ لِلأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ ، وَيُسْتَحَبُّ فِي قَصِّ الشَّارِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَانِبِ الأَيْمَنِ ، لأَنَّ " النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ " . وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَقُصَّهُ لَهُ غَيْرُهُ لأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ هَتْكِ مُرُوءَةٍ . وَأَمَّا حَدُّ مَا يَقُصُّهُ : فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقُصَّ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ ، وَلا يَحُفُّهُ مِنْ أَصْلِهِ ، قَالُوا : وَحَدِيثُ : < أَحْفُوا الشَّوَارِبَ . . . > مَحْمُولٌ عَلَى مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ ، وَعَلَى الْحَفِّ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ لا مِنْ أَصْلِ الشَّعْرِ ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ : < كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ يَفْعَلُهُ " ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَيَعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيُصَغِّرُونَهَا : أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ عَامِرٍ الثَّمَالِيُّ ، وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيُّ ، كَانُوا يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ مَعَ طَرَفِ الشَّفَةِ . وَقَالَ الْمُحَاطِيُّ وَغَيْرُهُ : يُكْرَهُ حَلْقُ الشَّارِبِ . وَقَالَ الْبَاجُورِيُّ : إِحْفَاءُ الشَّارِبِ بِالْحَلْقِ أَوِ الْقَصِّ مَكْرُوهٌ ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى تَظْهَرَ الشَّفَةُ ، وَأَنْ يَقُصَّ مِنْهُ شَيْئًا وَيُبْقِيَ مِنْهُ شَيْئًا . وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَالصَّيْمَرِيِّ ؛ اسْتِحْبَابَ الإِحْفَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : وَلَمْ نَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصًّا ، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ كَانَا يُحْفِيَانِ شَوَارِبَهُمَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَاذَلِكَ عَنْهُ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَزَعَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِحْيَاءِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ . وَلا بَأْسَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِتَرْكِ السَّبَالَتَيْنِ ، وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ ، لِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ ؛ وَلأَنَّهُمَا لا يَسْتُرَانِ الْفَمَ ، وَلا يَبْقَى فِيهِمَا غَمَرُ الطَّعَامِ إِذْ لا يَصِلُ إِلَيْهِمَا . وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَأْخِيرُ قَصِّ الشَّارِبِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ، وَالتَّأْخِيرُ إِلَى مَا بَعْدَ الأَرْبَعِينَ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمُتَقَدِّمِ . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنَّهُمْ لا يُؤَخِّرُونَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فَإِنْ أَخَّرُوهَا فَلا يُؤَخِّرُونَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ ، لا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا إِلَى الأَرْبَعِينَ ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَالأَخْذُ مِنْ هَذِهِ الشُّعُورِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : يُسَنُّ قَصُّ الشَّارِبِ - أَيْ قَصُّ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرِ عَلَى الشَّفَةِ - أَوْ قَصُّ طَرَفِهِ ، وَحَفُّهُ أَوْلَى نَصًّا ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَنْ تُبَالِغَ فِي قَصِّهَا ، وَمِنَ الشَّارِبِ السَّبَالانِ وَهُمَا طَرَفَاهُ ، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ : " قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . وَقَالُوا : يُسَنُّ الأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ كُلَّ جُمُعَةٍ لِمَا رُوِيَ : < أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ أَظْفَارَهُ وَشَارِبَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ > (2) فَإِنْ تَرَكَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا كُرِهَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ : < وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ . . . > إِلَخْ ؛ وَعَلَّلُوا الأَخْذَ مِنَ الشَّارِبِ كُلَّ جُمُعَةٍ بِأَنَّهُ إِذَا تُرِكَ يَصِيرُ وَحْشًا. الموسوعة الفقهية الكويتية |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|