من كنوز معالمنا الإسلامية والسياحية

[دموع القمر]

من كنوز معالمنا الإسلامية والسياحية

تمام أحمد


السياحة في الإسلام أمر مباح شرعاً وتتحول إلى عبادة بدلاً من أن تبقى فسحة والسياحة لها مراميها وأهدافها الإسلامية: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) العنكبوت: 20، وعالمنا العربي والإسلامي زاخر بكنوز رائعة من المعالم الإسلامية والآثار الحضارية، وزاخر أيضاً بكنوز طبيعية خلاَّبة أودعها الله سبحانه وتعالى في أرضنا الطيبة، وهذه المعالم تستحق القصد والاهتمام والمشاهدة، بل إن بعضها يُقصد للتعبد قبل أي شيء آخر، كبيت الله الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنوَّرة، والمسجد الأقصى في القدس الشريف، وفيما يلي بعضاً من هذه المعالم·



مكة المكرمة
مهوى أفئدة مليار ونصف المليار مسلم في شتى أرجاء الأرض·
مهبط الوحي، وموقع المسجد الحرام المبارك، وكعبته المشرَّفة·
مقصد ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين·
قد خصها الله تعالى في كتابه العزيز بالتكريم، وذكرها بأسماء عديدة بلغت أحد عشر اسماً، ومن هذه الأسماء: مكة وبكة، والبلد الآمن، والبلد الأمين، والحرم الآمن، وأم القرى، كما أشار إليها في مواقع كثيرة بأسماء أخرى، وأقسم بها، وأعطاها ما لم تحظ به أي مدينة في الدنيا·
وشاء الله، جلت قدرته أن تكون الكعبة المشرَّفة، والمسجد الحرام فيها، فكانت لهذه المشيئة آثارها ونتائجها من حيث بناء مكة، وتعميرها، وسكناها·
وفي ظاهر مكة نزل الوحي الإلهي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقَّنه أول سور القرآن الكريم، وتوالى الوحي بعد ذلك، حتى عرفت بعض آيات القرآن الكريم بالمكية، وهي التي نزلت في مكة المكرمة، وبالمدنية، وهي التي نزلت في المدينة المنوَّرة·
وفي أرض مكة وبطاحها، كان جهاد المسلمين الأوائل في مواجهة الشرك والضلال وعبادة الأصنام، وفيها تم نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، يوم دخولها، في العام الثامن للهجرة، ظافرين منتصرين، فانتهت دولة الشرك ورفع فيها اسم الله وحده وحُطِّمت الأصنام، وطهّر البيت، وباتت مكة آمنة، طاهرة، وإلى كعبتها المشرفة يتجه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في صلواتهم خمس مرات في اليوم، وبالطواف حولها يبدؤون حجهم وبه ينهونه·
تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالاً، والطول 94/93 شمالاً، ويعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيئولوجية، فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة، ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى أكثر من ثلاثمئة متر·
ويحتضن مكة وادي إبراهيم الذي ينحصر بين سلسلتي جبال متقاربة، من جهات الشرق والغرب والجنوب، فالسلسلة الشمالية تتألف من جبل >الفلق< وجبل >قعيقعان<، والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل >أبي حديدة<، ثم جبل >كدى< باتجاه الجنوب، ثم جبل >أبي قبيس< في الجنوب الشرقي، ثم جبل >خندمة<·
ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية هي: >المعلاة< وتعرف باسم >الحجون< والمسفلة، و>الشبيكة<·
وقد تعارف الناس على أن >المعلاة< هي كل ما ارتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام، و>المسفلة< هي كل ما كان دونه·


المدينة المنوَّرة




مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثواه·
دار الإسلام الأولى التي ناصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلت معه في معارك تاريخية فاصلة كان لها أثرها في انتصار الإسلام وانتشاره فيما بعد·
مدينة الأنصار ناصرت المهاجرين، الذين شكَّلوا القوة الأولى للإسلام، والذين دخلوا مكة المكرمة ظافرين بعد ثماني سنوات مضت من الهجرة النبوية الشريفة·
المدينة التي أحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبته، فبنى على أرضها مسجده الشريف، ودفن فيها بعد أن وافاه الأجل·
مدينة الخلافة الراشدة، التي قامت على أكتاف رجالها مسؤولية الجهاد في سبيل الله، ومحاربة المرتدين، والدعوة إلى دين الله فيما حول شبه الجزيرة العربية من أمصار·
مقر الدولة الإسلامية الأولى التي شهدت كبار الصحابة وهم يسوسون أمور المسلمين، ويجمعون كتاب الله الكريم، ويوجهون الجيوش إلى بلاد فارس والشام ومصر·
تقع المدينة المنورة في الشمال الغربي للمملكة، شرقي البحر الأحمر، الذي يبعد عنها نحو مئتين وخمسين كيلو متراً، وهي محاطة من الغرب بجبل >الحجاج<، وجبل >سلع< من الشمال الغربي، وجبل >العير< من الجنوب، وجبل >أحد< من الشمال·
وتقوم المدينة المنورة على هضبة جبلية مسطحة عند تقاطع ثلاثة أودية هي: >وادي العقل<، و>وادي العقيق<، و>وادي الحمض<، مما نجم عنه وجود مساحات كبيرة خضراء، وسط منطقة جبلية جافة·
وترتفع المدينة المنورة عن سطح البحر (620) متراً، وتكثر في أجزائها الغربية والجنوبية الغربية صخور بركانية·
أما بالنسبة لخطوط الطول والعرض، فإن المدينة المنورة تقع على (93) و(63) دقيقة و(1.61) ثانية من خطوط الطول، وعلى درجة (42) و(82) دقيقة و(5.35) ثانية من خطوط العرض، وتبلغ مساحتها نحو خمسين كيلو متراً مربعاً·
للمدينة المنوَّرة خمسة وتسعون اسماً، منها: طيبة، طابة، قبة الإسلام، قلب الإيمان، المؤمنة، المباركة، المختارة، دار الإيمان، حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الأبرار، دار السنَّة، دار الأخيار، دار الفتح، ذات الحِرار، ذات النخل، البارَّة، الجابرة، وغيرها·
القدس




أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أرض الأنبياء، ومجمع الرسل، وهي جزء لا يتجزأ من بلاد الشام، بل هي عين الشام ووجهها، كما أن دمشق قلب الشام، يقدَّر عمر مدينة القدس بثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، مرَّت عليها أدوار تاريخية بدءاً من >اليبوسيين<، فـ>العموريين<، >فالفراعنة< و>الحثيين<، والقدس مدينة عربية المنشأ، >كنعانية< الأصل، >سامية< الجذور، فُتحت القدس صلحاً على يد قادة من عظماء الرجال صنعهم الإسلام أيام الخليفة الراشد >عمر بن الخطاب< رضي الله عنه، وأما عن وجود اليهود في فلسطين العربية طوال حكم المسلمين الذي استمر أربعة عشرة قرناً إنما كان سببه سماحة الإسلام، ومهما حاول الصهاينة طمس الحقائق وتشويه التاريخ، وتدمير الأرض، وقتل الإنسان، فإن القدس ستبقى عربية مسلمة تهفو إليها قلوب الملايين من المسلمين في شتى أرجاء العالم·
طنجة




عروس الشمال المغربي وبوابة أفريقيا، واسمها ورد متشابها في النصوص القديمة، لكن متعدد الرسم والصيغ، ويتكون سكانها من العرب والبربر، وتعد >طنجة< من أقدم المدن العربية التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ المغرب القديم والحديث، واشتهرت هذه المدينة بحدث تاريخي غيَّر خريطة العالم الإسلامي في تلك الحقبة، ألا وهو فتح الأندلس (29هـ ـ 117م)، وتقع على خط الطول 5.49 درجة غرب >غرينتش< بينما تقع على دائرة العرض 35.47 درجة شمال الدائرة الاستوائية، وبذلك تقع ضمن الإقليم المعتدل الدافئ وتنتمي بموقعها إلى مناخ البحر المتوسط المعتدل، وجغرافياً تقع المدينة في الطرف الشمالي الغربي من المملكة المغربية، وقارة أفريقيا على الشاطئ الأفريقي لبحر العدوة >بحر الزقازق< الذي يصل البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي، ويُعرف الآن باسم >بوغاز مضيق جبل طارق<، تضم المدينة عدداً من المعالم الأثرية منها: متحف القصبة، وبيت المال ودار المخزن، والصهريج البرتغالي، الذي تم تشييده العام 1524م·
القيروان




استمدت مدينة القيروان التونسية اسمها من قوافل الجمال التي كانت تعبر الصحراء الأفريقية، ولا تكمن أهمية هذه المدينة في موقعها الاستراتيجي فحسب، بل تستمد أهمية روحية من مكانتها الخاصة في قلوب المسلمين الذين أرادوا اتخاذها قاعدة، ومنطلقاً لفتح البلدان غير الإسلامية، وتحولت لاحقاً مدينة إسلامية يُشار إليها بالبنان، لما شمخ فيها من مساجد وما نشاهده فيها من معاهد ومدارس أدبية وقرآنية ولا تزال القيروان من أهم المدن العربية الإسلامية بقصورها الفسيحة، وأحواض الماء التي شيِّدت في القرن التاسع الميلادي لإمداد المدينة بالمياه، ويعد >المسجد الجامع مسجد عقبة بن نافع< في المدينة أهم أثر إسلامي فيها الذي بُني العام 670م، ويعتبر أنموذجاً فريداً لفن العمارة الحضاري الإسلامي الذي يستقطب عدداً كبيراً من السياح الذين يفدون إليه لاستلهام التاريخ الإسلامي التليد·
غرناطة




مدينة في جنوب أسبانيا >الأندلس< وهي مدينة شهيرة بآثارها الإسلامية· يؤمها السياح من جميع أرجاء العالم، اتخذها >بنو زيري< (من ملوك الطوائف) عاصمة لهم، ثم أصبحت عاصمة >بني الأحمر< (1235م ـ 1492م)·
وإذا كانت قبة الصخرة بداية للتراث المعماري الإسلامي ونشأته، فإن قصر الحمراء في >غرناطة< بمثابة قمة تتوج للثقافة الإسلامية الأسبانية في الفن المعماري، وكان قصر >الحمراء< سكناً لملوك >بني الأحمر<، وهو عبارة عن مجمع أو مجموعة أبنية إدارية وعسكرية وسكنية، تطل على مدينة غرناطة، وقد سقطت >غرناطة< بيد الأسبان العام 1492م، وطرد منها سكانها من المسلمين وعلى رأسهم ملك >غرناطة< >محمد الثاني عشر< المعروف باسم >الملك الصغير<، الذي ذرف الدمع السخين في السفينة وهي تبحر به في طريقه إلى منفاه في شمال أفريقيا، فإذا بأمه التي كانت في رحلته تردد العبارة التالية على مسامعه: أن >يا عبدالله ابك كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه كالرجال<·
اسطنبول


مدينة إسلامية، تفصل بين آسيا وأوروبا تتربع على ضفتي البوسفور، وتعتبر مدينة المجد الغابر لسلاطين >بني عثمان< الذين حكموا دولة امتدت طوال أربعة قرون، اتخذها في البداية الأمبراطور البيزنطي >قسطنطين< عاصمة للأمبراطورية >البيزنطية< الشرقية العام 330م، وسماها >القسطنطينية< ثم دخلها السلطان العثماني >محمد الفاتح< العام 1453م، واتخذها عاصمة للخلافة >العثمانية< وظلت كذلك حتى سقطت الخلافة العام 1923م، وتشتهر المدينة بمساجدها ومتاحفها وأسوارها وقلاعها وأسواقها التاريخية وأشهرها جوامعها >أيا صوفيا<، و>السلطان سليم<، و>السلطان أحمد<، كما أن مكتباتها غنية بالمخطوطات العربية النفيسة·
دمشق


يقول المؤرخون: إنها أقدم مدينة في العالم، كانت مملكة >آرامية< في العام 940ق·م، حكمها اليونان والرومان، وفتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي، واتخذها >الأمويون< عاصمة لهم، وتوالى عليها >الطولونيون< و>الأخشيديون<، و>الفاطميون<، و>الأيوبيون< و>المماليك<، و>العثمانيون<، قاومت الصليبيين، وخرَّبها >هولاكو< 1260م ـ 1300م، وأحرقها >تيمور لنك< 1400م·
وتتميز المدينة بالكثير من المواقع الأثرية المهمة التي تدل على تاريخها العريق، وتراكم الحضارات المتعاقبة عليها، فهي كنز عظيم من الآثار، ومحط أنظار علماء الآثار في العالم الذين تقاطروا عليها للبحث والتنقيب عن تاريخ وحضارات الشعوب القديمة، التي عاشت فيها، ومن أجمل آثارها >الجامع الأموي الكبير، والقلعة، والبوابات القديمة، والمساجد الأثرية، والمتاحف<·