منتديات الحجاز الثقافية  

 


استرجاع كلمة المرور طلب كود تفعيل العضوية تفعيل العضوية
العودة   منتديات الحجاز الثقافية ( ثقافية - تاريخية - أجتماعية ) - alhjaz forums of cultural > منتديات الحجاز الإسلامية - Alhjaz Islamic Forums > الثقافة الإسلامية وفق أهل السنة و الجماعة > إسلاميات عامة

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-2009, 02:32 AM   #1
(المنسي)
كاتب مبدع
 
الصورة الرمزية (المنسي)
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
الدولة: بوابة الحرمين الشريفين
المشاركات: 3,367
معدل تقييم المستوى: 29
(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold
Nanfa 2006101519 فـ َبِذَلِكَ فَلـ ْيَفْرَحُواْ ؟؟؟

(1)

سبحانه .. عباده سوانا كثير


لا إله غيره


ولا رب ســـواه


هو خالقنا من عدم .. ومُسبِغ النعم


لا رادّ لحكمه .. ولا معقب لقضائه


أنزل الكتب ، وأرسل الرسل ؛ ليعرفنا بنفسه


قال : " إنني أنا الله لا إله إلا أنا "


فما ألطفه بنــــا


هو العظيم .. الخالق .. المدبر .. المحيي المميت


فليتـك تحـلو والحياة مريرة .. وليتك ترضى والأنام غضابُ


وليت الذي بيني وبينك عامر .. وبيني وبين العالمين خــرابُ


إذا صح منك الود فالكل هين .. وكل الذي فوق التراب ترابُ





أنعم علينا بمنتـــه .. يريد منا أن نمدحه لصالحنــا

يحب من العبد أن يكون فطنا لنعمه .. شاكرا لهـا


من رحمته بعباده أن عرفهم بذاته


ولمعرفته سبحانه وتعالى درجات ..


الأولى : المعرفة بالفطرة ، والتي خلق الناس عليها


الثانية : معرفته بالعقل إذا تدبر وتفكر .. وهذا مقصد آيات القرآن التي تأمر بالتفكر : أن تعرف الله .. قال تعالى : " أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ " [ سورة الطور ] .


الثالثة : معرفته من خلال ما أنزل من الكتب وأرسل من الرسل ؛ ليعرفوا الخلق به – جل وعلا - . كما قال تعالى : " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) " [ سورة الحشر ] .


عرف بنفسه في آية




.. هي أعظم آية في القرآن .. آية الكرسي

آية تورث المهابة والتعظيم في قلب العبد لربه جل وعلا


وكل آية في القرآن تتحدث عن الله .. فهي أعظم مما سواها


فآية الكرسي أعظم آية ؛ لأنها تتحدث عن الله


وسورة الإخلاص ثلث القرآن ؛ لأنها تتحدث عن الله


عرفنا به رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام . يخفض القسط ويرفعه . يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار . وعمل النهار قبل عمل الليل . حجابه النور . ( وفي رواية : النار ) لو كشفه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " .


إلهي


لك عنت الوجوه .. وخضعت الجوارح


أنت أهل الثناء .. والرحمة .. والجود .. والعطاء .. والكبرياء .. والعز .. والبر .. والإنعام


أكثروا من الثناء عليه ..


فهو المستحق للثناء .. وهو يحب المدح


قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أحب إليه المدح من الله "


ولذلك مدح – سبحانه – نفســـه


كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده : " أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك "


وعاتب خلقه فقال : " وما قدروا الله حق قدره " !


وإنما أشرك من أشرك به ، وكفر من كفر به ، لأنه لم يقدره حق قدره .


وكل معصية في الوجود تنشأ من الجهل بقدره جل وعــلا


قال تعالى : " ما لكم لا ترجــون لله وقارا " !


لو وقروا الله سبحانه .. هل يجرؤون على عصيانه ؟!


تمر عليك عشرات الأسماء من أسمائه – تعالى - .. ولا تعرف معناها .. ولا تبحث عنه


وهو يقول : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها "


هل تعرف معنى : ( ذو الطول ) ؟


هل تعرف معنى : ( السـلام ) ؟


هل تعرف معنى : ( المؤمن ) ؟


كيف ؟


أما تستحي أن تجهل أسماء خالقك ؟


أشرف العلوم على الإطلاق : العلم بالله تعالى .. وأسمائه .. وصفاته


-----------------------


* كلمات مقتبسة من برنامج " ذكرى " على قناة المجد - رمضان 1429 هـ


(2)


ما الذي يجنيه القلب بمعرفة الله ؟


من وجد الله فماذا فقد ؟ .. ومن فقد الله فماذا وجد ؟


إذا أردت علما .. فاعلم أن أرفع علم هو العلم بالله


إذا أردت عزا .. فاعلم أن أرفع عز هو اعتزازك بالله


إذا أردت مالا .. فاعلم أن أربح تجارة تجارتك مع الله


معرفة الله نور .. " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور "


وكلما ازدادت معرفة العبد بربه .. أسمائه .. وصفاته .. وأفعاله .. وأقداره .. ولطفه .. ازدادت خشيته من الله .


يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أعلمكم بالله .. و أخشاكم له "


وقال صلى الله عليه وسلم : " لو تعلمون ما أعلم .. لضحكتم قليلا .. ولبكيتم كثيرا "


قال الله : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " .. لأنهم عرفوا عن الله .. من الصفات ، والأفعال ، والأقدار ، ما لا يعرفه غيرهم .. فرزقوا خشيته .


***


إذا خاف الناس من شيء فروا منه


ولكنهم إذا خافوا الله ... فرَّوا إليه


" فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) " [ سورة الذاريات ]


هو وحده .. من إذا خافه العبد .. فر إليه .. فيجد الأمان !


لأنه وحـــده .. يملك الأمن .. ويملك الخوف


وكذلك .. فإن من عرفه استأنس به وأحبه .. فهو الحليم .. الكريم .. الرزاق .. يده سحاء الليل والنهار .


اجعل همك هما واحدا .. الله .. لا شيء سواه


" ومن يتوكل على الله فهو حسبه "


فالله يكفينا .. الله يرزقنا .. الله يحمينا .. الله يرحمنا


نِعم المولى ونِعم الوكيــل


إلهي


أنت جابر الضعيف .. وسند الملهوف .. وغاية الطالبين .. وأمل المحرومين


إذا عرفته .. فلن تلتفت إلى العبيد .. ولن تتعلق إلا بالعزيز الحميد


وبقدر خشيتك من الله .. يخشاك كل مخلوق لله


وبقدر خشيتك من غيره .. لا يبالي الله في أي وادٍ هلكتَ


قال الله : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) "


وكلما ازداد جهل العبد بربه تعالى .. ازداد عصيانه وخطؤه .. ولذلك قرن الله المعصية بالجهل : " إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا "


إذا علمت أن الله .. هو التواب .. الرحيم .. الغفور


فلا تستوحشك الذنوب .. ولا تحول بينك وبينك الكريم


بل ومبدل السيئة حسنـــة


ويفرح – كما يليق بجلاله –


ويحب – كما يليق بجلاله –


فلا تجعلن الذنوب عائقا بينك وبين الله


لأنك تعلم أنه غفور .. تواب .. رحيم


نشتاق إلى لقائه .. وإلى رؤيا وجهه


قال صلى الله عليه وسلم : " من أحب لقاء الله أحب لقاءه "


اللهم عرفنا بك فإنا محتاجون إليك .. لا غنى لنا عنك


اللهم علمنا خشيتك وحبك كما تحبه لنـا


اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين



..يتبع..

__________________
(المنسي) غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 02:33 AM   #2
(المنسي)
كاتب مبدع
 
الصورة الرمزية (المنسي)
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
الدولة: بوابة الحرمين الشريفين
المشاركات: 3,367
معدل تقييم المستوى: 29
(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold
افتراضي

(3)


إليك وإلا لا تُشَدُّ الركائبُ


وفـيك وإلا فالمؤمل خائبُ


وعنك وإلا فالمحدث كاذب


سبحانك ما أعدلك .. سبحانك ما أكرمك


أحببت من يحبك


أكرمت من يحبك


دنوت ممن يحبك


فما أسعد من كان لك حبيبا


وما أسعد من كنت له مجيبا


وما أسعد من كنت منه قريبا


ليس العجيب أن الفقير يحب الغني .. والضعيف يحب القوي .. والهين يحب المهيمن .. والجهول يحب العليم الخبير .. وإنما العجب العجاب من القوي .. العظيم .. الغني .. الذي له ملك السماوات والأرض .. يحب عبده !


سبحانه .. لا يُحب أحدٌ لذاته إلا هو .. ولا يُحبُّ أحدٌ من كل وجه إلا هــو .


***


قال تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدَّا "


قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " .. فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ! من ينال هذه المنة ؟ من ينال ذا الشرف ؟ من يبلغ هذه المكانة ؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : " أين علي بن أبي طالب ؟


ما أسعد العبد إذا أحبه الله !


محبته تعني السعادة .. الإيمان .. التُقى .. الجنة .. السعادة الحقيقة .. وكل النعيم !


إذا أحبك .. أعطاك .. وأغناك .. وأقناك .. ووقاك .. وحماك .. وهداك .. واجتباك .. وتفضل عليك بما لا يخطر على بالك .. ودفع عنك الشرور .. ويسر لك الأمور .. يرضى عنك ويرضيك .. " ورضوان من الله أكبر " .


في الحديث القدسي : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، و ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ، و رجله التي يمشي بها ، و إن سألني لأعطينه ، و لئن استعاذني لأعيذنه "


لا ينظر العبد إلا إلى ما يحبه الله .. إذا أبصر أبصر بالله .. ولا يسمع العبد إلا ما يرضاه الله .. إذا سمع سمع بالله .. لا تبسط يده إلا في البر .. ولا تمشي رجله إلا في طريق خير .


قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل : إن الله قد أحب فلانا فأحبه .. فيحبه جبريل .. ثم ينادي جبريل في السماء : إن الله قد أحب فلانا فأحبوه .. فيحبه أهل السماء .. ويوضع له القبول في أهل الأرض "


هنيئا لعبد أحبه رب الأرض والسماوات


هنيئا لعبد ذكر اسمه رب الأرض والسماوات


هنيئا لعبد ذُكــــر اسمه في الســماوات


هنيئا لعبد أحبه جبريل ، فنادى باسمه في السماوات


هنيئا لعبد أحبــه أهل السماوات


هنيئا لعبد وَضَعَ له القبولَ في الأرض ..


ربُّ الأرض والسماوات


(4)


رفيع عالٍ في همته من طلب محبة رب العالمين .. وفاطر الخلق أجمعين .. ولن تجد في الوجود أغبطَ حظا منه .. ولا أرفع منزلة عنه .. فلله دره من طالب .. ولله درها من منزلة !




سبحانـــه .. يخلق من عدم .. ثم يهدي من ضلال .. ثم يتفضل بالحب .

من أعظم ما يدلك على حب الله لك : أن تكون محبوبا من أهل الخير في الأرض


ومن أعظم ما يدلك على بغض الله لك : أن تكون مبغوضا من أهل الخير والديانة


ومما يدل على حب الله : البلاء !


يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ، و إن كان في دينه رقة ، ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة "


ومن أعظم دلالات المحبة : الشوق !


دعا – أصدق الخلق في محبة الله – فقال : " وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة "


وخُيّر بين أن يكون ملكا في الدنيا ثم الجنة ، وبين أن يلقى ربه .. فأجاب بالحال والمقال .. أما الحال فرفع يده .. وأما المقال فقال : " بل الرفيق الأعلى .. بل الرفيق الأعلى .. بل الرفيق الأعلى " .


بلغ شوق الصحابة إلى ربهم مبلغه ، فسألوا رسوله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟


زعمت اليهود أنهم أبناء الله وأحباؤه : " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " .. فامتُحنوا : " قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " .. فبان كذبهم !


إلهي .. اصطفيت عبادا لمحبتك فكانوا منـــارا


إلهي .. اصطفيت عبادا لمحبتك فأسعدتهم نفوسا ودارا


إلهي .. اصطفيت عبادا لمحبتك فألبستهم من حلل المفاخر أنوارا


إلهي .. اصطفيت عبادا لمحبتك عدلا منك وإحســـــانا




اللهم فأهلنــا لمحبتك

وأدخلنا في زمرة من تحبهم .. بفضلك ورحمتك


واشملنا معهم برداء تأييدك ومبرتك


في الجنة .. في دار الكرامة .. يتذكر الفائزون أعظم نعمة في الدنيا أنعمها مولاهم عليهم : " وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " !


والله لولا الله ما اهتدينــا


ولا تصدقنا ولا صلينــا


فأنزلنْ سكينة علينـــا


وثبت الأقدام إذا لاقينـا


إنه التوفيق من الله .. أعظم نعمة من السماء


اللهم إنك هديتنا إلى الإسلام من غير أن نسألَك


فلا تحرمنـا الجنة ... ونحن نسألُك


يقول الله تعالى : "وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " .. ويقول جل وعلا : " ِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "


قال شعيب عليه السلام : " وما توفيقي إلا بالله " !


وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :


" اللهم رحمتك أرجو


فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين


وأصلح لي شأني كله


لا إله إلا أنت "


إذا اختلط عليك الطريق .. واحتوشتك الفتن


واضطربت عليك وجوه الرأي


فافزع إلى من بيده حبائل التوفيق


الهادي إلى الصواب – جل وعلا –


وقل :


" اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل


فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة


أنت تحكم بين عبادك فيما كـانوا فيه يختلفـون


اهدني لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك ..


إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "


إن العبد إذا كان بالله موصولا .. عليه متوكلا .. فإنه حري أن يوفق


أما إذا كان معتمدا على حوله وقوته وطوله .. فما أحراه بالخسران


هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ، تستغلق عليه المسألة ، فيستغفر الله ألف مرة ليفتحها عليه .. ويمرغ وجهه في التراب : اللهم فهمني كما فهمت سليمان عليه السلام .


ولما كان العلماء هم أعرف الخلق بالله ، ترى أحدهم قد صنف كتابا فأجاد ، وبلغ في الوسع والاجتهاد ، ولا يفوته أن يكتب : ( والله الموفق ) .. ( وفق الله الجميع ) .. ( نسأل الله التوفيق والسداد ) !


من علامات التوفيق :


= بركة العمر : وتأمل عمر النووي (42) وحافظا الحكمي (35) وما خلفاه من علم !


= أن يكون العبد مشتغلا بما خلق له : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .


= أن ييسر له إلى أعمال بر ما كان يرتب لها ولا يقصدهــا .


= أن يكون مصروفا عن المعاصي والفتن .


من أسباب التوفيق : انخلاع العبد من حوله وقوته !


فيسلم بين يدي الله تعالى ، ويجعل الحول والقوة كله بيده سبحانه .. ولذلك أُمرنا إذا قال المؤذن : " حي على الصلاة " أن نجيب : "لا حول ولا قوة إلا بالله " .. فلا حول لنا ولا قوة ، وليس لنا أن نجيب النداء فنصلي ونركع ونسجد ؛ إلا بعونه وتوفيقه تعالى .


إن إعلان الفقر إلى الله أعظمُ ما تُستمطر به الخيرات .. وكان نبيكم – صلى الله عليه وسلم يدعو - : " اللهم رحمتك أرجو .. فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين " .


قيل : إذا لم يكن عون من الله للفتي ... فأول ما يجني عليه اجتهادُهُ !


***


ومن أسباب التوفيق : التوكل !


وهو صدق الاعتماد على الله .. ودعاء من نزلت به ضائقة : " حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب " .. فإن صدق ، فقد وُفِّق .. والتوفيق إلى الصدق في التوكل يحتاج توفيقا !


ومن أسباب التوفيق : الاجتهاد والتقرب !


قال الله تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنـا " .. وفي الحديث القدسي : "يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " ..


طاعتك ، وحسن سريرتك ، وبرك بوالدتك ، يغلب على الظن أنها أعظم أسباب التوفيق .


ومن أسباب التوفيق : الدعاء !




وســل ربك التوفيق فيها .. وأخلص في السؤال إذا سألت

وأكثر ذكره في الأرض دأبا .. لتُذكر في السماء إذا ذكـرت


ونادِ إذا سجدت به اعترافا .. كما ناداه ذو النـونِ بنُ متىَّ


ومن أسباب التوفيق : التقوى !


قال الله تعالى : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " .. وقال سبحانه : " واتقوا الله ويعلمكم الله " .. وقال جل وعلا : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " وقال جل وعزّ : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا "




عظيم في ذاته

عظيم في صفاته


عظيم في كل شيء


عظيم من كل وجـه




عظيم لا تحيط به الظنون .. بقبضته التحرك والسكون

تعالى ، خالق كل شيء .. مقدّره إلى وقت يكــون




قال ربي العظيم :


" مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ "

" وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ "


" اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ "


" فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ "


جَاءَ حَبْرٌ مِنْ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ .. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ** وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ رواه البخاري ] .


سبحانك ..ليس لعظمتك ابتداء .. ولا لجلالك انتهاء ..


سبحانك .. من له العزة ، والعظمة ، والمجد ، والكبرياء ..


سبحانك ..من لا تحيط المخلوقات بكل عظمتــه ..


سبحانك .. لا يدرك ثناؤهم عظيم جلاله وقدرته ..


سبحانك .. أنت كمــا أثنيت على نفسك




إذا عظمت الله .. عظمت شعائره .. وأورثك ذلك تقوى القلب .. " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " .


قف أيها العاقل وتأمل !


أنت معظم لمولاك جلَّ ثناؤُه ، إذا بذلت الجهد لمعرفته وحبه ، والخضوع لكبريائه ..

أنت معظم لمولاك جلَّ ثناؤُه ، إذا أعملت لسانك في ذكره ، وقامت جوارحك بشكره ..


أنت معظم لمولاك جلَّ ثناؤُه ، إذا اتقيته حق التقوى ؛ فأطعته بلا عصيان ، وذكرته بلا نسيان ، وشكرته بلا كفران .


أنت معظم لمولاك جلَّ ثناؤُه ، إذا عظمت شرعه وحرماته .. " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " ..


لو عظمت الله ما عصيته .. كما قال الأول : لا تنظر إلى صغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيتَ !


عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا " قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ . قَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا "


وإذا خلوت بريبة في ظلمة "=" والنفس داعية إلى العصيانِ


فاستحيِ من نظر الإله وقل لها "=" إن الذي خلق الظلام يرانِ




__________________


يخبر سبحانه عباده : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ، حتى أعظم من أوتي العلم ، أمره ربه أن يقول : " رب زدني علما " !!

يعلم لقمان ابنه فيقول : " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ " ..


ويخبر – سبحانه – عباده عن علمه فيقول : " وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " ..


ويقول : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " ..


وقد جاء علم الله تعالى بما يعظ الإنسان ويخوفه : " يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ " .. وقال : " وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ " .. وقال : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " .. وقال : " وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " ..


ألا يورث هذا خشية العبد ربه ؟


يا من علمت أن الله مطلع على حركاتك وسكناتك ، وعالم بهفواتك ونزواتك ، لا يخفى على الله شيء من أحوالك ، ولا يغيب عنه حالٌ من حالك ؛ أتراك حاسبت نفسك ؟


أتراك حاسبت نفسك حساب العاقلين ، فقلت : يا نفسُ .. إلهك وخالقك - تعالى في ثنائه – رقيب على حركاتك وسكناتك .. مطلع على تقصيرك وهفواتك .. فتيقظي تيقظ الطائعين .. وحاولي أن تكوني من الناجين .. حياؤك من فاطر الأكوان – جل ثناؤه – أولى بكِ .. وتعظيمك لمراقبته أصلح لحالك !


***


قال صلى الله عليه وسلم : " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباء منثورا " . قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم و نحن لا نعلم ، قال : " أما إنهم إخوانكم ، و من جلدتكم ، و يأخذون من الليل كما تأخذون ، و لكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " ..


إذا خلوت يوما فلا تقل .. خلوتُ ولكن فل عليّ رقيب


ولا تحسبن الله يغفل ساعة .. ولا أنما تخفيه عنه يغيبُ


من ثمار معرفة العبد أن الله لا يعزب عنه مثقال ذرة أنه خاف منه وتوكل عليه ، فأما " خاف منه " فظاهرة المعنى ، وأما " توكل عليه " فإن الغيب عنه محجوب ، ولا تدري أين الخيرة ، فصلاة الاستخارة جاء فيها : " تعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب " ، فعلمنا أن الله يعلم كل شيء يجعلنا نستخيره جل وعلا .


لسان حالك : أنا عبد ضعيف ، لا أدري ما الذي يخبئه القدر ، ولا أدري ما وراء تلك الحجب !!


*


تبرّأ من حولك وتوكل : " وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " ..




ذكر جل وعلا في كتابه أنه " الحكيم " اثنين وأربعين مرة ، وذكر أنه " حكيم " تسعا وثلاثين مرة .. هلا تأملت ؟!

" الحكيم " له معنيان : الحاكم وهو القاضي العدل – قاله ابن قتيبة – والمحكم للأمر والتدبير – قاله الخطابي – [ زاد المسير ] .


سبحانك إلهي .. أحكمت كل شيء خلقا .. كم لك في كل أمر من تدبير وحكمة .. الكون شاهد بعظمتك وحكمتك .. حارت الأذهان في حكمتك البالغة .. واعترفت بالعجز منقادة لك وخاضعة .. سبحانك إلهي .. أحاط علمك وحكمتك بالأشياء .. فلا معقب لحكمك ، ولا راد لقضائك .


قال تعالى : " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ " ، أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا ، وأنكم لا ترجعون إلى الدار الآخرة ؟! تقدس الله أن يخلق شيئا عبثا ، وتعاظم عن هذا الظن الباطل الذي يرجع إلى القدح في حكمته ، فهو الحق المنزه عن أن يخلق الناس بدون حكمة أو غرض صحيح . قال تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " ، وقال تعالى : " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " ..


تدبر اقتران هذا الاسم مع غيره من الأسماء ، وما لهذا الاقتران من دلالة ..


" الحكيم العليم " العليم بكل شيء ، الحكيم في تدبيره .. قال ابن عاشور : وتعقيب الحكيم بالعليم من إتباع الوصف بأخص منه ، فإن مفهوم الحكمة زائد على مفهوم العلم ؛ لأن الحكمة كمال في العلم . اهـ


" العزيز الحكيم " العزيز الذي لا يعجزه شيء ، العزيز في أقواله وأفعاله فيضع الأشياء في محالها .


" الحكيم الخبير " هو المحكم المتقن للمصنوعات ، العالم ببواطن الأمور كعلمه بظواهرها .


سبحان من سبحت الأكوان بحكمته .. وأذعنت له الموجودات منقادة لعظمته .. جرت الأقدار بمشيئته وتدبيره .. الحكيم في كل شيء ، تعالى في حكمته .. أحسن تدبير أمره ونهيه وشريعته .. اللطيف الرحيم في قضائه وتقديره ..


قال تعالى : " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) " .


في المراد بهذه الحكمة أحد عشر قولاً . أحدها : أنها القرآن . والثاني : معرفة ناسخ القرآن ، ومنسوخه ، ومحكمه ، ومتشابهه ، ومقدمه ، ومؤخره ، ونحو ذلك . والثالث : النبوة. والرابع : الفهم في القرآن . والخامس : العلم والفقه . والسادس : الإصابة في القول . والسابع : الورع في دين الله . والثامن : الخشية لله . والتاسع : العقل في الدين . والعاشر : الفهم . والحادي عشر : العلم والعمل ، لا يسمى الرجل حكيماً إِلا إِذا جمعهما .. (1)


" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ " ممن طلبها وتعرض لها راغباً فيها سائلا الله تعالى أن يعلمه (2) ، " وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا " أوتي القصد والاعتدال فلا يفحش ولا يتعدى الحدود؛ وأوتي إدراك العلل والغايات فلا يضل في تقدير الأمور؛ وأوتي البصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال . . وذلك خير كثير متنوع الألون . (3)


يقول سيد قطب : هذه الحكمة يؤتيها الله من يشاء من عباده ، فهي معقودة بمشيئة الله سبحانه . هذه هي القاعدة الأساسية في التصور الإسلامي : رد كل شيء إلى المشيئة المطلقة المختارة . . وفي الوقت ذاته يقرر القرآن حقيقة أخرى : أن من أراد الهداية وسعى لها سعيها وجاهد فيها فإن الله لا يحرمه منها ، بل يعينه عليها : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " ؛ ليطمئن كل من يتجه إلى هدى الله أن مشيئة الله ستقسم له الهدى وتؤتيه الحكمة ، وتمنحه ذلك الخير الكثير . ا.هـ


حري بك أن تطلب الحكمة من مؤتيها .. قال ابن عاشور : ومن يشاء الله تعالى إيتاءه الحكمة هو الذي يخلقه مستعداً إلى ذلك ، من سلامة عقله واعتدال قواه ، حتى يكون قابلاً لفهم الحقائق منقاداً إلى الحق إذا لاح له ، لا يصدّه عن ذلك هوى ولا عصبية ولا مكابرة ولا أنفة ، ثم ييسّر له أسباب ذلك من حضور الدعاة وسلامة البقعة من العُتاة ، فإذا انضمّ إلى ذلك توجّهه إلى الله بأن يزيد أسبابه تيسيراً ويمنع عنه ما يحجب الفهم فقد كمل له التيسير . وفسرت الحكمة بأنّها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بما تبلغه الطاقة ، أي بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة بعضها مع بعض ولا يغلط في العلل والأسباب . ا.هـ


لله در أولئك الحكماء ، الذين آتاهم الله الحكمة وزينهم ببهائها !!


رأس الحكمة أن تعرف الحكيم العليم ، حكيم حقا من عرف الحق سبحانه ، وغارق في ظلمات الليل من لم يعرف ربه تبارك وتعالى ..فيا طالبا وسام الحكمة ؛ عليك بوشاحها الأكرم وتاجها الأعظم : معرفة من عدل خلقك وأحكم أركانك ، جلّ في آياته وتنزه في صفاته .


-----------


منقول لكم بعناية ومقتطف من بستان..


(1) زاد المسير باختصار .


(2) أيسر التفاسير .


(3) الظلال .


هذا ولاتنسونا من الدعاء في ظهر الغيب..
مع خالص مودتي وتقديري..
__________________
(المنسي) غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 02:46 AM   #3
alma7i
Owner Alhjaz Forums
Abu Abdallah
 
الصورة الرمزية alma7i
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: Al-MaDiNaH
المشاركات: 13,964
معدل تقييم المستوى: 200
alma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond reputealma7i has a reputation beyond repute
افتراضي

أسأل الله لي ولك ولسائر المسلمين جنات الفردوس الاعلى .. اللهم آمين ..

بارك الله فيك أخي أبو علي على ماطرحت ..

وجعله المولى في ميزان حسناتك ..



دمت بحفظ الله ،،،
__________________

[
وما من كاتبٍ إلا سَيُفنى* * * ويُبقِي الدَهرُ ما كَتبَت يداه
فلا تكتُب بكفكَ غير شيءٍ * * * يَسُرَكَ في القيامةِ أن تراه


alma7i غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 03:13 AM   #4
(المنسي)
كاتب مبدع
 
الصورة الرمزية (المنسي)
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
الدولة: بوابة الحرمين الشريفين
المشاركات: 3,367
معدل تقييم المستوى: 29
(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold
افتراضي

اللهم آمين ..يارب
عندما تتواجد كلماتك العطره ودعواتك الصادقة..
ودعمك اللامحدود ..أخونا الغالي أبوعبدالله..
فالطرح حينها يسمو للأرقى والأجمل ..
فلك جزيل الشكر والتقدير
مع خالص مودتي..
__________________
(المنسي) غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 03:40 AM   #5
الجوريه
حجازي غير
 
الصورة الرمزية الجوريه
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: أرض الخير
المشاركات: 3,795
معدل تقييم المستوى: 29
الجوريه is a name known to allالجوريه is a name known to allالجوريه is a name known to allالجوريه is a name known to allالجوريه is a name known to allالجوريه is a name known to all
افتراضي

بارك الله في يد كتبت تلك الحروف وجزى صاحبها أعلي الفردوس

ورزقنا وأكرمنا وإياه ثبات اليقين وقوة الإيمان وقرباً لله

أضاء الله لكم قلوبكم ونفوسكم بالإيمان وجعلنا الله واياكم ممن يقال لهم

أدخلوها بسلام آمنين

طرح قيم مبارك جزاكم الله الخير كله وأنار لكم دروبه ورزقكم نعيم الدارين
__________________
الجوريه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-06-2009, 04:39 AM   #6
(المنسي)
كاتب مبدع
 
الصورة الرمزية (المنسي)
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
الدولة: بوابة الحرمين الشريفين
المشاركات: 3,367
معدل تقييم المستوى: 29
(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold(المنسي) is a splendid one to behold
افتراضي

اللهم آمين ..يارب
أسعدني تواجدكم العطر..
أختنا الكريمة..الجورية
لك شكري وامتناني
دمت بود
__________________
(المنسي) غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
َبِذَلِكَ, ْيَفْرَحُواْ, فَلـ, ــ, ؟؟؟

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:49 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
All Rights Reserved Alhjaz forums © 2006 - 2020