|
الحجاز العام الحوار العام لكل ما يتعلق بالمواضيع العامة التي لا تنتمي إلى قسم معين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-03-2013, 06:37 PM | #1 |
.:: حجازي برونزي ::.
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 450
معدل تقييم المستوى: 12 |
القناعة مثل السحاب
:الفائدة اﻷولى:صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنقاذ البصيرة, فإن الشبع يورث البﻼدة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ شبه السكر حتى يحتوي على معان الفكر فيثقل القلب بسببه عن الجريان في اﻷفكار وعن سرعة اﻹدراك, بل الصبي إذا أكثر اﻷكل بطل حفظه وفسد ذهنه*وصار بطيء الفهم واﻹدراك.ويقال: مثل*الجوع*مثل الرعد, ومثل القناعة مثل السحاب, والحكمة كالمطر. الفائدة الثانية: رقة القلب وصفاؤه الذي به يتهيأ ﻹدراك لذة المثابرة والتأثر بالذكر, فكم من ذكر يجري على اللسان مع حضور القلب ولكن القلب ﻻ يتلذذ به وﻻ يتأثر حتى كأن بينه وبينه حجاباً من قسوة القلب.قال أبو سليمان الداراني: أحلى ما تكون إليَّ العبادة إذا التصق ظهري ببطني .الفائدة الثالثة:اﻻنكسار والذل وزوال البطر والفرح واﻷشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى, فﻼ تنكسر النفس وﻻ تذل بشيء كما تذل بالجوع, فعنده تسكن لربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها,وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها. وما لم يشاهد اﻹنسان ذل نفسه وعجزه ﻻ يرى عزة موﻻه وﻻ قهره, وإنما سعادته في أن يكون دائماً مشاهداً نفسه بعين الذل والعجز وموﻻه بعين العز والقدرة والقهر .الفائدة الرابعة:أن ﻻ تنسى بﻼء الله وعذابه, وﻻ ينسى أهل البﻼء,*فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع,*والعبد الفطن ﻻ يشاهد بﻼء من غيره إﻻ يتذكر بﻼء اﻵخرة, فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة, ومن جوعه جوع أهل النار, حتى أنهم ليجوعون فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق والمهل, فﻼ ينبغي أن يغيب عن العبد عذاب اﻵخرة وآﻻمها, فإنه هو الذي يهيج الخوف,فمن لم يكن في ذلة وﻻ علة وﻻ قلة وﻻ بﻼء نسي عذاب اﻵخرة ولم يتمثَّل في نفسه ولم يغلب على قلبه, فينبغي أن يكون العبد في مقاساة بﻼء أو مشاهدة بﻼء, وأولى ما يقاسيه من*الجوع*فإن فيه*فوائد*جمة سوى تذكر عذاب اﻵخرة.الفائدة الخامسة:وهى من أكبر الفوائد: كسر شهوات المعاصي كلها واﻻستيﻼء على النفس اﻷمارة بالسوء, فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى, ومادة القوى والشهوات ﻻ محالة اﻷطعمة, فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة, وإنما السعادة كلها في أن يملك الرجل نفسه, والشقاوة في أن تملكه نفسه, وكما أنك ﻻ تملك الدابة الجموح إﻻ بضعف*الجوع*فإذا شبعت قويت وشردت وجمحت, فكذلك النفس. إن القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم نفوسهم إلى هذه الدنيا.وهذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن الفوائد.ولذلك قيل:*الجوع*خزانة من خزائن الله تعالى,وأقل ما يندفع بالجوع: شهوة الفرج وشهوة الكﻼم, فإن الجائع ﻻ يتحرك عليه شهوة فضول الكﻼم فيتخلص به من آفات اللسان كالغيبة والفحش والكذبوالنميمة وغيرها, فيمنعه*الجوع*من كل ذلك,وإذا شبع افتقر إلى فاكهة فيتفكه ﻻ محالة بأعراض الناس,*وﻻ يكب الناس في النار على مناخرهم إﻻ حصائد ألسنتهم.وأما شهوة الفرج فﻼ تخفى غائلتها, والجوع يكفي شرها.*وإذا شبع الرجل لم يملك فرجه, وإن منعته التقوى فﻼ يملك عينه,*فالعين تزني, فإن ملك عينه بغض الطرف فﻼ يملك فكره, فيخطر له من اﻷفكار الرديئة وحديث النفس بأسباب الشهوة ما يتشوش به مناجاته, وربما عرض له ذلك في أثناء الصﻼة. الفائدة السادسة: دفع النوم ودوام السهر, فإن من شبع شرب كثيراً ومن كثر شربه كثر نومه,وفي كثرة النوع ضياع العمر وفوت التهجد وبﻼدة الطبع وقساوة القلب, والعمر أنفس الجواهر, وهو رأس مال العبد فيه يتجر,*والنوم موت فتكثيره ينقص العمر, ثم فضيلة التهجد ﻻ تخفى وفي النوم فواتها. ومهما غلب النوم فإن تهجد لم يجد حﻼوة العبادة. فالنوم منبع اﻵفات, والشبع مجلبة له, والجوع مقطعة له.الفائدة السابعة:تيسير المواظبة على العبادة فإن اﻷكل يمنع من كثرة العبادات ﻷنه يحتاج إلى زمان يشتغل فيه باﻷكل, وربما يحتاج إلى زمان في شراء الطعام وطبخه, ثم يحتاج إلى غسل اليد والخﻼل, ثم يكثر ترداده إلى بيت الماء لكثرة شربه. واﻷوقات المصروفة إلى هذا لو صرفها إلى الذكر والمناجاة وسائر العبادات لكثر ربحه.قال السري: رأيت مع علي الجرجاني سويقاً يستف منه فقلت: ما حملك على هذا؟ قال: إني حسبت ما بين المضغ إلى اﻻستفاف سبعين تسبيحة فما مضغت الخبز منذ أربعين سنةفانظر كيف أشفق على وقته ولم يضيعه في المضغ.وكل نفس من العمر جوهرة نفيسة ﻻ قيمة لها,*فينبغي أن يستوفي منه خزانة باقية في اﻵخرة ﻻ أخر لها بصرفه إلى ذكر الله وطاعته.ومن جملة ما يتعذر بكثرة اﻷكل الدوام على الطهارة ومﻼزمة المسجد,*فإنه يحتاج إلى الخروج لكثرة شرب الماء وإراقته. ومن جملته الصوم فإنه يتيسر لمن تعود الجوع, فالصوم ودوام اﻻعتكاف ودوام الطهارة وصرف أوقات شغله باﻷكل وأسبابه إلى العبادة أرباح كثيرة,*وإنما يستحقرها الغافلون الذين لم يعرفوا قدر الدين لكن رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها:} يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ{([1]).وقد أشار أبو سليمان الداراني إلى ست آفات من الشبع فقال:من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حﻼوة المناجاة, وتعذر حفظ الحكمة, وحرمان الشفقة على الخلق ﻷنه إذا شبع ظنّ أن الخلق كلهم شباع, وثقل العبادة, وزيادة الشهوات, وأن أول سائر المؤمنين يدورون حول المساجد, والشباع يدورون حول المزابل.الفائدة الثامنة:يستفيد من قلة اﻷكل صحة البدن ودفع اﻷمراض, فإن سببها كثرة اﻷكل وحصول فضله اﻷخﻼط في المعدة والعروق. ثم المرض يمنع من العبادات ويشوش القلب ويمنع من الذكر والفكر,وينغص العيش, ويحوج إلى الفصد والحجامة والدواء والطبيب, وكل ذلك يحتاج إلى مؤن ونفقات ﻻ يخلو اﻹنسان منها بعد التعب عن أنواع من المعاصي واقتحام الشهوات, وفي*الجوع*ما يمنع ذلك كله.حكي أن الرشيد جمع أربعة أطباء: هندي, ورومي, وعراقي, وسوادي, وقال: ليصف كل واحد منكم الدواء الذي ﻻ داء فيه,*فقال الهندي: الدواء الذي ﻻ داء فيه عندي هو اﻹهليلج اﻷسود, وقال العراقي: هو حب الرشاد اﻷبيض, وقال*الرومي: هو عندي الماء الحار, وقال السواديوكان أعلمهم: اﻹهليلج يعفص المعدة وهذا داء, وحب الرشاد يزلق المعدة وهذا داء, والماء الحار يرخي المعدة وهذا داء, قالوا: فما عندك؟*فقال: الدواء الذي ﻻ داء معه عندي أن ﻻ تأكل الطعام حتى تشتهيه, وأن ترفع يدك عنه وأنت تشتهيه, فقالوا: صدقت.الفائدة التاسعة:خفة المؤنة, فإن من تعود قلة اﻷكل كفاه من المال قدر يسير, والذي تعود الشبع صار بطنه غريماً مﻼزماً له أخذ بمخنقه في كل يوم, فيقول ماذا تأكل اليوم؟ فيحتاج إلى أن يدخل المداخل, فيكتسب من الحرام فيعصي أو من الحﻼل فيذل, وربما يحتاج إلى أن يمد أعين الطمع إلى الناس وهو غاية الذل والقماءة, والمؤمن خفيف المؤنة.وقال بعض الحكماء: إني ﻷقضي عامة حوائجي بالترك فيكون ذلك أروح لقلبي.وقال آخر: إذا أردت أن استقرض من غيري لشهوة أو زيادة استقرضت من نفسي فتركت الشهوة فهي خير غريم لي.*وكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يسأل أصحابه عن سعر المأكوﻻت فيقولون إنها غالية, فيقول: أرخصوها بالترك.وقال سهل رحمه الله: اﻷكول مذموم في ثﻼثة أحوال: إن كان من أهل العبادة فيكسل وإن كان مكتسباً فﻼ يسلم من اﻵفات, وإن كان ممن يدخل عليه شيء فﻼ ينصف الله تعالى من نفسه .الفائدة العاشرة:أن يتمكن من اﻹيثار والتصدق بما فضل من اﻷطعمة على اليتامى والمساكين, فيكون يوم القيامة في ظل صدقته.فما يأكله كان خزانته الكنيف, وما يتصدق به كان خزانته فضل الله تعالى, فليس للعبد من ماله إﻻ ما تصدق فأبقى أو أكل فأفنى أو لبس فأبلى. فالتصدق بفضﻼت الطعام أولى من التخمة والشبع.دمتم بخخيررررر |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|